والله لقد انفطر قلبي على ما آل إليه حال مجتمعنا حتى وصل الأمر إلى أن تُزهق روح أم على يد ابنها، جريمة تقشعر لها الأبدان، ارتُكبت بدافع الإدمان وغياب الوعي، وبفعل جهل وفساد أخلاق، وبسبب أن الأمر أوكل إلى غير أهله.
هذه الحادثة الأليمة التي شهدها وطني "مركز الصف" ليست مجرد جريمة قتل، بل هي ناقوس خطر يدق في وجوهنا جميعًا: من المسؤول؟ هل هي يد الابن القاتلة وحدها، أم أن المجتمع شريك بالصمت، بعدم التوعية، أو بالتقصير في العلاج؟ الحقيقة أن كلنا مدانون.
مجتمع غارق في الجهل
إن أكبر أزمتنا تكمن في الجهل القاتل بكيفية التعامل مع المدمن وتاجر المخدرات. كثير من الأسر تتكتم على المشكلة خوفًا من كلام الناس، بدلاً من اللجوء إلى العلاج، مع أن الدولة وفّرت مستشفيات حكومية لذلك. البعض الآخر يستهين قائلًا: "شباب وبيتبسطوا"، حتى ينتهي الأمر بكارثة.
أما تجار السموم فقد كثروا في قُرانا، والمجتمع يتعامل معهم بمنطق "أنا مالي يا عم"، بينما الحقيقة أن الخطر يهددنا جميعًا: زوجاتنا، أبناؤنا، أخواتنا، وآباؤنا. السم قد يصل إلى بيتك وأنت غافل، أو يتهور مدمن في الطريق فيعرض حياة أحد أحبائك للخطر. لذلك، لا بد من أن نعي أن التبليغ عنهم واجب وطني وأخلاقي، وهناك خطوط ساخنة ومراكز للعلاج متاحة للجميع.
أزمة أخلاقية خانقة
الأخطر من الإدمان هو فساد الأخلاق الذي أصاب شبابنا نتيجة البعد عن الدين، والإفراط في الانفتاح على العالم دون ضوابط. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا مدمرًا، غرست التقليد الأعمى والرغبة في حياة زائفة. غابت القيم والعادات التي كانت تحكم العائلة وتلزم الصغير قبل الكبير.
أن يوكل الأمر إلى غير أهله
ومن أخطر ما نعيشه أن يتحدث في شؤون العامة من لا يملك الخبرة أو الأهلية، بل ويُقدَّم أحيانًا كـ"مصلح"، في الوقت الذي يهدم فيه المجتمع من الداخل. صمتنا أو تمجيدنا لهؤلاء جريمة أخرى بحق الوطن والأجيال القادمة.
ماذا علينا أن نفعل؟
المشاركة المجتمعية والإبلاغ عن التجار والمدمنين.
التوعية الأسرية ومراجعة الأبناء وأصدقائهم.
تفعيل دور الجمعيات، الأحزاب، والندوات التثقيفية.
المطالبة بعودة مكتب مكافحة المخدرات كمؤسسة مستقلة، خصوصًا في المناطق الجبلية والريفية والمراكز ذات الكثافة السكانية.
رسالة إلى القيادة السياسية
أناشد القيادة السياسية وعلى رأسها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة عودة مكاتب مكافحة المخدرات لتكون متخصصة ومركزة في هذا الملف الخطير، تخفف العبء عن الأجهزة الشرطية الأخرى، وتسد الثغرات أمام تجار السموم .
✍️ الخلاصة:
حادثة الأم التي قتلت على يد ابنها ليست مجرد مأساة عابرة، بل جرس إنذار. إن لم نفق جميعًا، ونتحمل مسؤوليتنا كأسر ومجتمع ودولة، فسوف نجد أنفسنا أمام جرائم أبشع وضحايا أكثر.
0 تعليقات