البروفايل الصحفي للغائب الحاضر.. احياء ذكرى عبر الكلمات لأبن مركز ومدينة الصف جيزة

 كتبت : فاطمة فتحي غوينم 

رجل من زمن الكبار.. وراية خفاقة في سماء الوطنية والوفاء

لم يكن اللواء سعد سليم محمد حسين الجمال مجرد اسم في سجل الشرف، بل كان مدرسة في الوطنية والقيادة وخدمة الناس. شخصية استثنائية تجتمع فيها الحزم والرحمة، القوة والإنسانية، الانضباط الأمني والحنان الأبوي. أحبه الجميع، واحترمه الخصوم قبل الأصدقاء، لأنه كان صادق الكلمة، ثابت المبدأ، نقي السيرة، لا يساوم على الحق، ولا يتأخر عن نصرة المظلوم.

كان رمزًا للرجولة والشهامة، رجلًا إذا وعد أوفى، وإذا قال فعل، وإذا حضر أبهج القلوب، وإذا غاب ترك فراغًا لا يملؤه أحد. عرفه أبناء الصف وعموم أبناء الجيزة ومصر كلها كرجل المواقف الصعبة، وصوت الحق الذي لا يخشى في الله لومة لائم.

ولد في 20 يونيو 1945 بقرية الأقواز، وتربى على قيم الأصالة والانتماء. تخرج من كلية الشرطة عام 1966 بترتيب متقدم على دفعته وبتقدير مشرف، فبزغ نجمه مبكرًا كرجل أمن متميز، يجمع بين الحنكة الميدانية والرؤية العميقة.

خلال مسيرته التي امتدت لعقود، تنقل بين مواقع قيادية بارزة، من رئاسة مباحث المعادي والسيدة زينب، إلى إدارة البحث الجنائي، وصولًا إلى منصب مساعد وزير الداخلية ومدير أمن قنا. كان في كل منصب مثالًا للقائد الذي يقف في الصفوف الأولى، يواجه المخاطر جنبًا إلى جنب مع رجاله، ويضع أمن المواطن فوق أي اعتبار.

وبعد مسيرة أمنية مشرّفة، انتقل إلى ساحة العمل البرلماني، حيث لمع كأحد أبرز النواب في تاريخ مصر. خدم أبناء دائرته خدمة حقيقية، لا تعرف المظاهر ولا المصالح الضيقة. كان يسمع لكل صوت، يشارك الناس أفراحهم وأحزانهم، ويسعى بكل طاقته لحل مشكلاتهم. شغل منصب رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، وكان صوته عاليًا في الدفاع عن القضايا القومية، ومشاركًا فاعلًا في البرلمان العربي، ورئيس جمعية الصداقة المصرية السعودية.

أما في حياته الخاصة، فقد كان رجل الإصلاح وحلال العقد، مرجعًا في التحكيم العرفي، يطفئ نار الفتن بكلمة، ويجمع القلوب على المودة والسلام. كان بيته مفتوحًا للجميع، وابتسامته الصادقة تبعث الطمأنينة في النفوس.

رحل اللواء سعد الجمال يوم الجمعة 5 فبراير 2021، قبل أن يؤدي اليمين الدستوري لدورة جديدة في البرلمان، لكنه رحل وقد ترك إرثًا خالدًا من الحب والاحترام، وسيرة ناصعة يرويها كل من عرفه. كان الغائب بجسده، الحاضر دومًا بروحه ومواقفه، ورجلًا من طراز نادر سيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة الوطن.