دكتور محمد سيد سلامه تخصص موارد بشريةومحاضر التنمية البشرية يكتب : الثبات الانفعالي وتأثيره على الحياة الأسرية في ظل التطور التكنولوجي

في عصرٍ تتشابك فيه العلاقات عبر الشاشات وتدار فيه الحوارات داخل الأسرة عبر تطبيقات الهواتف أكثر من الأحاديث المباشرة تبرز الحاجة إلى مهارات نفسية متقدمة تحافظ على استقرار الأسرة ودفء العلاقات. 
من أبرز هذه المهارات: الثبات الانفعالي تلك القدرة على التحكم في المشاعر والانفعالات خاصة في مواجهة الضغوط أو الخلافات والتي أصبحت عملة نادرة في ظل الضجيج الرقمي والانشغال الدائم.

ما هو الثبات الانفعالي؟

الثبات الانفعالي هو قدرة الإنسان على التحكم في ردود فعله العاطفية والتعامل مع المواقف الصعبة بهدوء ووعي واتزان. هو ليس كبتا للمشاعر بل إدارتها بشكل صحي يراعي الموقف والشخص الآخر. ويتطلب هذا النوع من التوازن فهم الذات وضبط النفس والقدرة على الفصل بين الموقف والانفعال.
التكنولوجيا والثبات الانفعالي: صراع خفي
لا يمكن إنكار الفوائد الهائلة للتكنولوجيا لكن استخدامها المفرط في الحياة الأسرية يعد تحديًا مباشرًا للثبات الانفعالي وذلك من خلال:

التشتت الدائم: كثرة الإشعارات والتنقل بين التطبيقات تضعف التركيز والانتباه في الحوارات العائلية.
الإجهاد الرقمي: الإرهاق الناتج عن العمل المستمر عبر الأجهزة يؤثر سلبًا على المزاج والقدرة على ضبط النفس.
نقل الخلافات إلى الفضاء الإلكتروني: بعض الأزواج أو الأبناء يستخدمون وسائل التواصل للتعبير عن مشاكلهم ما يفتح بابًا للتوتر والمقارنات السلبية.

تأثير الثبات الانفعالي على الحياة الأسرية
تعزيز الحوار الصحي: الشخص المتزن انفعاليا يختار كلماته بعناية ويتفادى الكلمات الجارحة أثناء النقاش.
تقليل حدة الخلافات: التفاعل الهادى يقلل من التصعيد ويوجه الخلاف نحو الحل.
تعليم الأبناء مهارات التوازن: الطفل يتعلم من والديه كيف يتصرف عند الغضب أو التوتر.
توفير مناخ عاطفي آمن: الأمان العاطفي يولد القرب والثقة والتواصل الحقيقي.
كيف نمارس الثبات الانفعالي في ظل التكنولوجيا؟
تحديد أوقات خالية من الأجهزة: تخصيص أوقات للحوار العائلي دون هواتف.
استخدام التطبيقات بحكمة: الامتناع عن كتابة رسائل أثناء الغضب.
ممارسة تمارين التنفس والتأمل: لتفريغ المشاعر السلبية قبل التفاعل.
طلب الدعم النفسي عند الحاجة: لا عيب في اللجوء إلى استشارة أسرية أو نفسية.
خاتمة
الثبات الانفعالي ليس رفاهية بل هو ضرورة ملحة لضمان استمرارية العلاقات الأسرية في عصر تعصف فيه التكنولوجيا بالترابط الإنساني. وفي زمن يسهل فيه الانفجار والانفعال يصبح الهدوء مهارة نادرة والثبات الانفعالي فضيلة عائلية تحفظ الحب وتبقي الحوار حيا. فلندرب أنفسنا على ضبط المشاعر، ونربي أبناءنا على التوازن لتبقى الأسرة في مأمن من تقلبات العصر.

إرسال تعليق

0 تعليقات

close
ضع اعلانك هنا