✍️ : فاطمة فتحي غوينم
في مشهد يوجع القلب قبل العين، استفاق أهالى قرية نجوع العرب التابعة لمركز ومدينة الصف جيزة ،على جريمة لا يمكن للعقل أن يستوعبها، ولا للإنسانية أن تبررها. طفلة صغيرة، لم تتجاوز سنواتها الأولى، خرجت من حضانتها ببراءة العمر، تحمل حقيبتها الصغيرة وأحلاما أكبر من سنها، لتعود إلى بيتها… لكنها لم تعد.
جريمة قتل طفلة في طريق العودة من الحضانة ليست مجرد خبر عابر في سجل الحوادث، بل صفعة قاسية على وجه الضمير الإنساني، ودليل صارخ على أن الرحمة تنتزع أحيانا من القلوب، حين يعلو صوت الحقد، ويتوحش الإنسان، ويغيب الوازع الديني والأخلاقي.
أي وحشية هذه ...؟
وأي قلب يستطيع أن يمد يده على طفلة لا تعرف من الدنيا سوى اللعب والضحك والأمان ؟
كيف تحول بعض البشر إلى أدوات قتل، بلا خوف من الله، ولا خشية من حساب ؟
الصورة التي انتشرت للطفلة، بحقيبتها الصغيرة ، كانت كفيلة بأن تكسر قلوب الملايين. لم تكن مجرد صورة، بل شهادة إدانة لعصرٍ باتت فيه الدماء أسهل من الرحمة، والجريمة أسرع من التفكير، والشر أكثر انتشارا من الخير.
نعيش زمنا مضطربا، زمن القتل والدمار، زمن تراجعت فيه القيم، وابتعد فيه البعض عن جوهر الدين الذي يدعو إلى الرحمة، وصون النفس، وحماية الضعيف قبل القوي. زمن تسللت فيه مشاعر الحقد والغل والحسد إلى القلوب، فقتلت إنسانية الإنسان قبل أن تقتل الضحية.
سامحينا يا صغيرتنا…
سامحينا لأنك جئتى في زمن قاسى لا يشبه براءتك.
سامحينا لأننا لم ننجح بعد في بناء عالم آمنٍ لأطفالنا، عالم لا يخاف فيه طفل من طريق العودة، ولا تتحول فيه الحقيبة المدرسية إلى شاهد صامت على جريمة.
إن هذه الجريمة تستوجب وقفة حقيقية، لا تقتصر على الغضب والحزن، بل تمتد إلى محاسبة صارمة، وعدالة ناجزة، ومراجعة مجتمعية شاملة لأسباب هذا العنف المتصاعد.
فحماية الأطفال ليست رفاهية، بل واجب إنساني وأخلاقي وديني لا يقبل التهاون.
رحمكِ الله يا صغيرتنا، وجعل مثواكِ الجنة، وألهم أهلك الصبر والسلوان.
وسيظل سؤالكِ الصامت يطاردنا: أي عالمٍ هذا الذي لا يحمي أطفاله؟


0 تعليقات