متى يصبح للمجتمع المدني، وخاصة الجمعيات الأهلية، دورًا بارزًا في مواجهة المشكلات المجتمعية؟

✍️ محفوظ عبدالرحمن مستشار تخطيط اجتماعى 

مشكلة إدمان المخدرات نموذجًا
لم يعد دور الدولة وحدها كافيًا للتصدي للمشكلات المجتمعية المعقدة، وعلى رأسها مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات وسوء استعمال العقاقير الطبية، وذلك في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المجتمعات الحديثة. ومن هنا يبرز دور المجتمع المدني، وبشكل خاص الجمعيات الأهلية، كعنصر فاعل وشريك حقيقي في التنمية وحماية المجتمع. والسؤال المهم هنا هو: متى يصبح لهذا الدور أثر حقيقي وفعّال على أرض الواقع؟

دور الجمعيات الأهلية في الوقاية المبكرة.

تُعد المرحلة الوقائية من أهم مراحل التعامل مع الإدمان، لأن منع المشكلة قبل وقوعها أقل كلفة وأكثر فاعلية. وهنا يظهر دور الجمعيات الأهلية من خلال:
التوعية المجتمعية.
الدعم الأسري والتربوي.
بناء أنشطة بديلة.
دور المجتمع المدني في العلاج

عندما يصل الفرد إلى مرحلة الإدمان، لا بد من تكامل الجهود بين الدولة والمجتمع المدني لعلاجه، ومن هنا يأتي دور الجمعيات الأهلية في:
إنشاء مراكز علاج وتأهيل بالشراكة مع جهات حكومية أو بتمويل ذاتي.

توفير العلاج المجاني أو منخفض التكلفة.
تقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
مرحلة الرعاية اللاحقة وإعادة الإدماج
بعد تجاوز مراحل العلاج، تأتي المرحلة الأهم: مرحلة ما بعد التعافي، والتي إن تم إغفالها قد تؤدي إلى انتكاسة. وفي هذه المرحلة، يمكن للجمعيات الأهلية أن تلعب دورًا محوريًا في:
إعادة تأهيل المتعافين.
الدعم الاجتماعي المستمر.
حملات مناهضة للوصمة المجتمعية.
متى يصبح الدور فاعلًا؟
لكي يصبح دور الجمعيات الأهلية فاعلًا ومؤثرًا في مواجهة مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات وسوء استعمال العقاقير الطبية، لا بد من توفر مجموعة من الشروط، منها:
الدعم الحكومي والتشريعي.
المصداقية والشفافية.
الشراكة الفعالة مع المؤسسات الأخرى.
خاتمة
إن مشكلة إدمان المخدرات ليست مجرد ظاهرة صحية أو سلوكية، بل هي نتاج لتراكمات اقتصادية، اجتماعية، ونفسية معقدة، ولا يمكن مواجهتها بحلول سطحية أو جهود فردية. وعليه فإن تفعيل دور المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات الأهلية، يُعد ركيزة أساسية في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا. وهذا الدور لا يتمثل في إقامة أو المشاركة في بعض الندوات والمؤتمرات والمعارض أو عمل بعض البرامج التدريبية فقط، وإنما يجب أن يشمل كافة مراحل المواجهة: الوقاية المبكرة، العلاج، ثم الرعاية اللاحقة. كما ينبغي التركيز على معالجة الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة مع عدم إغفال الأعراض والآثار المترتبة عليها. وعندما تُمنح هذه المؤسسات الثقة والدعم، فإنها تكون قادرة على إحداث أثر حقيقي ومستدام في مواجهة هذه الآفة الخطيرة.

إرسال تعليق

0 تعليقات

close
ضع اعلانك هنا