فاطمة فتحي غوينم تكتب ... الرحلة فردية

الموت... الكلمة التي نخشى ذكرها، ونتهرب من التفكير فيها، رغم أنها الحقيقة الوحيدة الثابتة في هذه الحياة. كل شيء قابل للتغيير، إلا الموت. 
هو النهاية الحتمية التي لا مفر منها، والمحطة التي نصل إليها فرادى، مهما كنا محاطين بالأحبة، ومهما علا حولنا الضجيج.

الرحلة إلى الموت ، رحلة فردية لا ترافقنا فيها سوى أعمالنا، لا مال، لا شهرة، لا مناصب، ولا حتى كلمات التعزية التي يتبادلها من خلفونا. 

فحين نغلق أعيننا للمرة الأخيرة، ينكشف الغطاء، وتنتهي الزينة، ونعود إلى حقيقتنا الأولى: بشر ضعفاء، نحمل على الأكتاف كما جئنا.

كم نخدع أنفسنا حين نظن أن الرحلة طويلة، وأن هناك دائما متسعا من الوقت...! نؤجل الحب، ونتردد في العفو، ونتباطأ في فعل الخير، كأننا نملك ضمانا بالبقاء. لكن الموت لا يطرق الأبواب بل يقتحمها.

 لا يستأذن، ولا ينتظر اكتمال الخطط، يأتي حين يشاء، وعلينا أن نكون مستعدين.

الرحلة فردية، لكننا نرسم ملامحها الآن، ونحن أحياء. كل ابتسامة، كل كلمة طيبة، كل مساعدة خفية، كل دعاء في ظهر الغيب، هي زاد الطريق. لا أحد يحمل عنك حقيبتك الأخيرة، ولا أحد يجلس مكانك في القبر.

فلنحيا كما يجب، لا كما يشتهي الغرور. لنصالح من أخطأنا في حقهم، ولنقترب ممن ابتعدنا عنهم. لنترك أثرًا جميلًا في القلوب، فقد لا يتبقى منا غير الذكرى. ولنتذكر دوما... أن الرحلة فردية، لكن ما نصنعه اليوم قد يضيء لنا طريق العبور غدا . 

إرسال تعليق

0 تعليقات

close
ضع اعلانك هنا