اللواء صبري الجمال يكتب ... " من الحياة 25 " فراق الأحبة.


لا شك ومن المؤكد أنه يوجد لكل منا عزيز وحبيب قد ذاق مرارة فقده، فمنا من فقد الآباء أو الأمهات أو كليهما أو الأخوات أو الأبناء أو الأصدقاء أو غير ذلك من الأحبة، وهذه هى سنة الله الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، فكما خلق الله الحياة فقد خلق الموت أيضاً.
اللهم ارحم أبى وأمى وكل حبيب وعزيز فقدناه وأمواتنا وأموات المسلمين.
فما أروع الحياة عندما تكون بين يديك أناس تحبهم ويحبونك، 
يتمنون لك الخير وينصحونك، يصححون لك عندما تخطئ، 
يذكرونك عندما تغفل، 
يسألون عنك إذا مرضت، 
يخافون عليك من تقلبات الزمن، 
تحبهم جداً وتتمنى لهم الخير دائماً، تخاف عليهم من نسمات الهواء الطلق، وإذا غابوا عنك تشتاق لهم كاشتياق الغريب عندما يعود إلى دياره بعد غربه لمدة طويلة،
 تحبهم ولو تستطيع أن تفديهم بروحك وكل ماتملك لفعلت،
تعيش معهم مدة من الزمن، وما أروعها من لحظات،
عندما تتكلم معهم تشعر بصفاء النية تجاهك، وحبهم الصادق لك، تحس أن ضحكاتهم من القلب، وليست ضحكات مجامله عابرة، تتذوق كلامهم كالماء العذب النقى الصافى، الذى يروى قلبك المتعطش، 
أناس يلبون طلباتك من قبل أن تتفوه بها، نعم فهناك لغة تسمى ( لغة العيون )، فيفهمونك بمجرد النظرة، 
أُناس لا تمل منهم حتى ولو جلست معهم لساعات، فتحس أن تلك الساعات ثوانى، والأيام دقائق، والسنوات ساعات،
 أُناس يحبونك فى الله ولله، 
تحتاج لهم كاحتياج الوردة للماء، فبدون الماء تذبل الوردة ثم ماذا ...!!ثم تموت. 
ولكن بين عشية وضحاها، لا أستطيع أن أشبهها إلا بالحلم الجميل الذى تعيش معه خيال رائع وممتع، ولا تود أن تستيقظ منه أبداً، ثم يأتى شخص يجعلك تستيقظ، وإذا بك تفتح عيناك وتلتفت يميناً ويساراً تبحث عن هؤلاء الناس، تجد نفسك تركض وراء سراب واهم، إنهم قد ماتوا، نعم قد ماتوا وذهبوا، ذهبوا إلى قومٍ كلامهم السكوت، رحلوا وتركوك وحيداً !! 
فتجد معك أناس كثيرين، ولكن ليسوا كهؤلاء الناس الذين رحلوا، أناس آخرين مختلفين، 
رحلوا وما أقسى مرارة رحيلهم، 
رحلوا وبكيت عليهم الدم بدل الدموع، 
رحلوا وأنت مصدوم!! 
ثم تتساءل كيف رحلوا ؟؟؟
أليس بالأمس القريب كانو هنا، لكن أين هم الآن ؟؟؟
آااااهـ من أقسى لحظات الفراق، وأى فراق.. إنه فراق الموت، ليس فراق سفر أو غيره، فما أقسى ألم الفقد، لن يستطيع أى أحد أن يتخيل هذا الألم والحزن إلا من جربه، 
رحلوا وتركوك للذكريات هنا، فتدور وتجول بذهنك.. جلسوا هنا ، أكلوا هنا ، وهنا كانوا يضحكون و ، و ، و، 
آااااهـ وآاااااهات من الذكريات، فكم تقتلنا هذه الذكريات بعد الرحيل الذى لا مفر منه، فقد رحلوا بأجسامهم ولم ترحل ذكرياتهم، 
ولكن هل انتهت الحياة بموتهم ...؟
هل انتهت سعادتك بمجرد رحيلهم ...؟
هل خلقنا الله من أجلهم ...؟ 
هل البكاء والألم قادر على إرجاعهم ...؟
هل هذه وصيتهم لنا ... البكاء والآلام والأحزان، أم الدعوات والصدقات؟؟؟
فلا أستطيع الإجابة إلا أنها سنة الله الخالدة.
ولكن أكيد أن بعد كل ليل سرمدى نهاراً مشرق مضيء، 
وبعد كل سحابة معتمة مطر يجلب الخير والرزق، 
وبعد كل زرع زرعته بعناء تجنى حصاده، 
وبعد كل بكاء مرير ابتسامة مليئة بالتفاؤل والفرح،
وبعد كل مصيبة فرج عظيم، 
وبعد كل تعاسة سعادة، 
ولكنا نؤمن بقضاء الله، ونسلم أن ما يخفف تلك الآلام هو الرضا بقضاء الله عز وجل، والصبر على المصيبة، نعم الصبر على المصيبة، ولا تنسوا قول الله تعالى فى ذلك" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " صدق الله العظيم. 
وختاماً.. لكل من تذوق مرارة الفقد أذكركم ونفسى وغداً  يوم عرفه وهو من أفضل وأعظم أيام الله.. فمن يحبهم يدعوا لهم فى يوم ينزل الله فيه يباهى ملائكته ويشهدهم أنه قد غفر للحجيج.
اللهم اغفر لكل حبيب وعزيز فقدناه، اللهم ارحمهم وأعتق رقابهم من النار، ونسألك اللهم الفردوس الأعلى من الجنة لنا ولهم  ولأمواتنا وموتى المسلمين، من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا مناقشة ولا عتاب برحمتك يا أرحم الراحمين.
من الحياة...

إرسال تعليق

0 تعليقات

close
ضع اعلانك هنا