فخامة الرئيس قاسم جومارت توقايفيدلى بخطاب إلى شعب كازاخستان "دولة عدل، وحدة شعب، ورفاهية مجتمع"

كتب :- قطب الضوى 

أيها المواطنون الأعزاء!
السادة نواب البرلمان وأعضاء الحكومة الكرام!
وفقا للمادة 59 من دستور جمهورية كازاخستان أعلن افتتاح الدورة الثالثة من الانعقاد السابع لبرلمان الجمهورية.
النواب الكرام!
أتقدم إليكم بأصدق التهاني بمناسبة بداية الدورة البرلمانية الجديدة.
في هذا العام تدخل بلادنا مرحلة جديدة من مراحل التنمية. ففي الاستفتاء العام الذي جرى أبدى غالبية المواطنين تأييدهم لنهج التحديث السياسي. وصارت الإصلاحات الدستورية خطوة رئيسة على طريق بناء دولة جديدة قوامها العدل في كازاخستان.
ولا بد أن يتواصل التحديث السياسي من خلال التحولات الاقتصادية الهيكلية، حيث يتعين علينا القيام بعملية إعادة بناء للعلاقات داخل ثالوث "المواطن – قطاع الأعمال – الدولة".
ستكفل الدولة في المقام الأول تكافؤ الفرص والعدالة للجميع. كما ستضمن توفير مستوى عال من المصالح العامة ودعم الفئات الضعيفة بالمجتمع، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث سيتم بهذا الشأن إنشاء مؤسسة لمفوض حقوق الإنسان تتبع رئيس الجمهورية.
كذلك ستبذل الدولة كل ما بوسعها لدعم الحرية الاقتصادية، لكنها في ذات الوقت ستعمل بكل حزم على حماية مواطنيها في حال تعرض السوق لتقلبات شديدة. كما ستشهد المشروعات الصغيرة والمتوسطة تطورا ضخما.
والآن سأعرض عليكم مسارات الإصلاحات بالتحديد.
أولا: السياسة الاقتصادية الجديدة
إن المشاكل المنهجية في اقتصادنا معروفة تمام المعرفة، وهي الاعتماد على مصادر المواد الخام، وضعف انتاجية العمل، وتدني مستوى الابتكارات، والخلل في توزيع الدخل.
كل هذا يعد بمثابة مشاكل مستعصية، ولكن هناك طرق محددة لمعالجتها، وهي استقرار الاقتصاد الشامل، تنويع الموارد الاقتصادية، الرقمنة، تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورأس المال البشري، وضمان سيادة القانون.
غير أن هذه المسائل لم تشهد تقدما ملموسا حتى وقتنا هذا، لذا فمن الواضح أننا بحاجة إلى أساليب جديدة في هذا الشأن.
إن الهدف الأساسي لسياستنا الاقتصادية يظل ثابتا دون تغير، وهو زيادة رفاهية المواطنين بشكل نوعي وشامل.
وتتلخص أولويات السياسة الاقتصادية الجديدة فيما يلي:
- تشجيع مبادرات القطاع الخاص، ما يعنى التخلي عن الرأسمالية الحكومية وتدخل الدولة السافر في الاقتصاد.
- تطوير المنافسة، أي ضمان تكافؤ الفرص للجميع.
- ثم بالطبع العدالة في توزيع الدخل القومي.
كل ذلك يتطلب الاضطلاع بعدد من المهام ذات الأولوية، ومنها:
أولا: إن التسوية الإدارية للأسعار يؤدي إلى انخفاض جذب الاستثمارات في العديد من القطاعات، كما يؤدي إلى عجز السلع والاعتماد على الاستيراد. لذلك يتعين التخلي على مراحل عن تدخل الدولة في عملية التسعير.
ويستثني من ذلك الأسواق غير التنافسية، حيث تظل أسعار خدمات المرافق العامة خاضعة للرقابة الشديدة، لكن هذه الرقابة لا تعني الضغط بأي حال من الأحوال.
فقد انتشر في الآونة الأخيرة تهافت أجهزة الدولة، بما فيها الأجهزة السيادية، على التفتيش على هذا القطاع والمطالبة بخفض الأسعار والرسوم، ولا بد من وقف مثل هذه الممارسات الشعبوية.
فمن الأهمية بمكان تحقيق الموازنة بين ضرورة الحد من أرباح مؤسسات المرافق العامة والاستثمار في البنية التحتية.
فقد أصاب الإهلاك ثلثي شبكات الكهرباء، و57% من شبكات التدفئة وما يقرب من نصف شبكات المياه. وهذه الأرقام في حد ذاتها تغني عن التعليق.
وكبح جماح الأسعار اصطناعيا يهدد بقطع الخدمات من آن لآخر، ووقوع الحوادث، وبالتالي تعرض صحة الإنسان وحياته للخطر.
إن سوق المرافق العامة تتطلب تطبيق سياسة جديدة في التسعير، وهي: "السعر مقابل الاستثمارات".
فلا بد من خفض مؤشرات الإهلاك بالشبكات بمقدار 15% على أقل تقدير.
وسيتم تقديم الأسعار مقابل الاستثمار في البنية التحتية والمشاركة في منظومة الرقابة الحكومية لضمان الشفافية، على أن يقوم المستثمر بتقديم جزء كبير من الاستثمارات من أمواله الخاصة وليس من متحصلات سعر الخدمة.
ويتعين إيجاد دوافع فعلية لتحفيز إدخال الابتكارات الحديثة، والسماح بإعادة توزيع جزء من التكاليف داخل مقايسة السعر، مع الحفاظ على حصة محددة من الدخل.
كما يتطلب الأمر التخلي تدريجيا عن الدعم المتقاطع لتعريفة الخدمات، والذي يتم بمقتضاه تخفيض الأسعار لبعض المستهلكين على حساب زيادتها على المستهلكين الآخرين.
ثانيا: إن مواصلة القضاء على الاحتكار بالاقتصاد يتطلب إيجاد حلول مؤسسية.
حيث يجب وضع تعريف لمفهوم "التكتل" على المستوى التشريعي، إذ يتعين على كيانات السوق المرتبطة ببعضها البعض الحصول على تصريح للتركيز الاقتصادي. فلا بد من مراجعة جميع معاملاتها مراجعة دقيقة، بما في ذلك مراجعة إمكانية تطبيقها أسعارا غير سوقية.
هذا ومما يؤثر سلبا على تطور اقتصاد السوق هو أنشطة بعض شركات التشغيل بعينها. لذلك يجب تقنين هذا المجال. حيث يجب الانتقال بالشركات المشغلة القائمة حاليا إلى بيئة تنافسية، أو الاعتراف بها كمؤسسات احتكارية، وتنظيم أنشطتها في إطار قانون خاص لمكافحة الاحتكار.
ثالثا: يعتمد النمو الاقتصادي المستدام اعتمادا مباشرا على السياسة الضريبية الواضحة التي يمكن التنبؤ بها.
ومن أجل إعادة ضبط التسوية المالية سيتم في عام 2023 إعداد قانون ضريبي جديد. حيث تحتاج الكتلة الأكثر إشكالية في هذا القانون وهي إدارة الضرائب إلى عملية تحديث كامل.
من الضروري أيضا الانتهاء من رقمنة الرقابة الضريبية، والقضاء على أي تعامل بالتواصل المباشر.
أيضا هناك أولوية أخرى وهي زيادة فعالية الحوافز الضريبية، وهو الأمر الذي يتطلب التحول إلى نسب ضريبية مختلفة باختلاف القطاعات الاقتصادية.
كذلك يلزم استحداث آليات لخفض أو الإعفاء من ضريبة دخل الشركات على الأرباح، وذلك بهدف التحديث التكنولوجي والتطوير العلمي.
كما سيتطلب الأمر تبسيط الأنظمة الضريبية الخاصة بغرض تقليص إغراءات التهرب الضريبي.
ويجب أن ينص القانون الجديد على عدم السماح بتعمد تفتيت الشركات من أجل تخفيض العبء الضريبي.
ولتطوير التجارة المتحضرة يتعين التوسع في تطبيق ضريبة التجزئة بمعدلات مناسبة وإجراءات بسيطة.
وفي إطار الإصلاح الضريبي من المهم النظر في إدخال ما يسمى بـ "ضريبة الكماليات"، التي ستحصَّل عند شراء العقارات والمركبات باهظة الثمن، ولن تؤثر على الطبقة الوسطى.
وسأتوقف بشكل خاص عند موضوع سداد الرسوم عند شراء السيارات.
يعلم الجميع مشكلة السيارات القادمة من بعض الدول المجاورة، حيث تظل خارج إطار القانون، وتشكل تهديدا للسلامة العامة. لذا من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة لإغلاق جميع القنوات غير القانونية لاستيراد السيارات في المستقبل. في الوقت نفسه لا بد من تسوية أوضاع السيارات من هذا النوع والتي تم استيرادها قبل الأول من سبتمبر من العام الجاري. ولتقنين هذه السيارات اقترح تطبيق رسم موحد يسدد مرة واحدة مقابل التكهين والتسجيل الأولي بمبلغ لا يتجاوز 200 إلى 250 ألف تينجيه. وينطبق هذا الإجراء على السيارات غير المبلغ عنها والتي اجتازت "التخليص" الجمركي.
رابعا: ترتبط فعالية السياسة الضريبية الفعالة ارتباطا وثيقا بشفافية إدارة الجمارك.
فمن الأهمية بمكان الانتهاء من الدمج الكامل بين نظامي المعلومات الضريبي والجمركي.
إضافة إلى ذلك، تعدد أجهزة التفتيش يعد أحد الأسباب الرئيسية لعدم كفاءة هذا التفتيش. لذلك من الضروري إدخال آلية رقابة جمركية متكاملة على الحدود، حيث يتعين أن تعمل مراكز التخليص الجمركي بمبدأ "الشباك الواحد".
خامسا: نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نعيش في حدود إمكاناتنا.
لذل سيتم إصلاح نموذج سياسة الموازنة العامة بالانتقال من "إدارة الموازنة" إلى "إدارة النتائج".
وبالتالي لا بد أن يتضمن قانون الموازنة المعايير القصوى الواجبة التنفيذ عند تخطيط الموازنة وتنفيذها.
كذلك سيتم وقف نظام الإنفاق غير الفعال لموارد الصندوق الوطني. وهذا أمر مهم للغاية. في الوقت ذاته ستتواصل التحويلات من الصندوق الوطني، ولكن لتطوير البنية التحتية المتهالكة والمشروعات القومية فقط لا غير.
أيضا يتطلب الأمر تبسيط عمليات الموازنة بشكل جذري.
كما ينبغي السماح لأجهزة الدولة بترحيل الأموال غير المنصرفة إلى العام المقبل، حيث سيتيح هذا القرار التخلص من النظام غير الفعال المعمول به في رد الأموال إلى الموازنة العامة.
في الوقت نفسه يجب إطلاق نظام لإدارة مخاطر الموازنة، والذي من شأنه أن يغطي بما في ذلك القطاع شبه العام.
وكنا قد بدأنا في تحويل عائدات الضرائب إلى الأقاليم، ولا بد من مواصلة هذا العمل.
إن مشروع "ميزانية المشاركة الشعبية" الذي أثبت فعاليته يجب أن يعمم على المراكز والمدن والقري. وفي هذه الحالة، وبمشاركة فئات المجتمع، من المفترض توفير ما لا يقل عن 10٪ من تكاليف خدمات المرافق العامة.
ولكي يتم تنفيذ التوجهات المشار إليها بشكل فعال لا بد من إصدار قانون موازنة جديد.
سادسا: الدعم المنظم لقطاع الأعمال.
هنا، وقبل كل شيء، الأمر يتطلب البدء في "تنظيم متكامل لهذه العملية من الصفر"، فهذا التكليف لا يزال يتعرض للمماطلة منذ عامين.
فبدلا من التعديلات التي لا نهاية لها لمئات بل وآلاف من اللوائح والتعليمات يجب إقرار قواعد عمل جديدة، مختصرة وواضحة.
وهذا النهج ينبغي تنفيذه بشكل كامل اعتبارا من الأول من يناير 2024.
إضافة إلى ذلك، عند تقديم الدعم المالي ستعطي الدولة الأولوية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات القدرة التنافسية.
وستكون المعايير الأساسية لهذا الدعم هي زيادة مخصصات الأجور والمدفوعات الضريبية.
وبالتوازي مع ذلك سيتم إدخال نظام مميكن لتحديد المستفيدين من دعم الدولة.
كذلك لا بد من بناء نظام جديد نوعيا للمشتروات الحكومية. حيث يجب أن تكون الأولوية لجودة السلع والخدمات المشتراة، وليس لأقل سعر. كما ينبغي وضع مشتروات المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية على منصة موحدة.
وتنفيذ هذا النهج يتطلب اصدار قانون جديد "بشأن المشتروات العامة".
سابعا: يجب التحول إلى نموذج جديد للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
فاليوم صار العديد من مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص "مرتعا" لرجال الأعمال والمسؤولين عديمي الضمير.
فالعقود في هذا المجال يجب أن تتسم بالشفافية ويتم إبرامها على أساس تنافسي.
ولزيادة فعالية هذه الآلية يتعين اصدار قانون بهذا الشأن.
ثامنا: من المشاكل الكبرى التي تواجه قطاع الأعمال المحلي هو نقص الموارد الائتمانية. حيث يبلغ العجز في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كازاخستان نحو 42 مليار دولار.
في الوقت نفسه تتراكم في البنوك سيولة تقدر بالتريليونات، والتي لا تعمل في واقع الأمر لصالح الاقتصاد.
لذا يتعين على البنك المركزي ووكالة التسويات المالية والحكومة إيجاد حلول محددة لضمان استقرار الإقراض وبفائدة معقولة للقطاع الفعلي.
وأخذا في الاعتبار التفاصيل الدقيقة للوضع، يتعين أن يبدي البنك المركزي المزيد من المرونة، أو يمكنني القول الابتكار. وهناك أمثلة إيجابية يحتذى بها في الخارج.
تاسعا: تعتبر الأرض هي العامل الأساسي للإنتاج. وبدون توافرها يعد تأسيس مشروع استثماري أمرا مستحيلا.
لذا يتطلب الأمر إيجاد طرق فعالة قبل نهاية العام لتخصيص قطع أراضي لرجال الأعمال بسرعة وشفافية.
كما ينبغي القيام بتحديد ما إذا كانت هناك أراض غير مأهولة أو غير مستغلة في كل إقليم ومنطقة سكنية. ويجب أن تكون هذه المعلومات في متناول قطاع الأعمال بالكامل.
إني على ثقة بأن التدابير المشار إليها ستزيد من القدرة التنافسية ليس فقط لفئة رجال الأعمال، وإنما للاقتصاد ككل.

ثانيا: تنمية القطاع الفعلي
أولا وقبل كل شيء لا بد من عملية تبسيط كبيرة للتشريعات وإجراءات جذب الاستثمارات في مجال تنمية الموارد الطبيعية. كما يلزم كذلك الانتهاء من إنشاء بنك بيانات موحد للمعلومات الجيولوجية.
وأكلف الحكومة بالنهوض بجاذبية الاستثمار في القطاع الصناعي.
وقد تم في العام الماضي، وبناء على تكليفات مني، إجراء تقييم لفعالية جميع المناطق الاقتصادية الخاصة، واستنادا إلى نتائج هذا التقييم تم تحديد مواطن الضعف وصياغة مناهج جديدة.
واليوم آن الأوان كي ننتقل إلى سياسة مغايرة تماما لتطوير المناطق الاقتصادية الخاصة. وهذه المسألة تكتسب أهمية خاصة في ظل توطين الشركات الأجنبية في كازاخستان.
فيجب التعامل مع مسألة تقديم التسهيلات الاستثمارية للمناطق الاقتصادية الخاصة بشكل مختلف، بحيث يكون المبدأ الأساسي هنا هو "كلما زاد الاستثمار زادت التسهيلات".
في هذه الحالة يمكن للمستثمرين الذين لا يندرجون ضمن أنواع الأنشطة ذات الأولوية، لكنهم ينفذون مشاريع صناعية مهمة، الحصول على قطع أراضي دون التمتع بامتيازات ضريبية أو جمركية.
كما سيتطلب الأمر أيضا حل مسألة حق تملك الأراضي داخل المناطق الاقتصادية الخاصة من قبل الشركات التي أوفت بكافة الالتزامات الاستثمارية بأمانة.
بشكل عام، هناك حاجة إلى عمل منظم لجذب الاستثمارات. وتعد هذه المهمة ذات أولوية للحكومة.
بالإضافة إلى ذلك، وكما ذكرنا سلفا، ستواصل الدولة تباعا تقليص مشاركتها في الاقتصاد.
وسيتم تحويل صندوق "سامروك كازينا" إلى مستثمر يمتلك فقط حصة أغلبية أسهم كافية للسيطرة على القطاعات الرئيسية في الاقتصاد.
أما الأصول والأسهم الأخرى للصندوق فسيتم خصخصتها، بما في ذلك من خلال آلية الاكتتاب العام للأفراد.
ولن يشارك الصندوق كمستثمر مشارك إلا في المشروعات ذات الأهمية الكبرى، التي لا ييستطيع المستثمرون من القطاع الخاص تنفيذها. والمشروعات من هذا النوع سيتم تحديدها من قبل رئيس الدولة.
المسألة التالية هي تعزيز إمكانات البلاد في مجال التجارة العابرة.
في ظل الوضع الجيوسياسي الراهن تتحول كازاخستان إلى أهم ممر بري يربط بين آسيا وأوروبا.
وعلينا أن نستفيد من الفرص المتاحة على أكمل وجه، وأن نصبح نقطة للنقل والعبور ذات أهمية عالمية فعلية.
وقد بدأت كازاخستان بالفعل في تنفيذ مشروعات كبرى مثل إنشاء محور الحاويات في أكتاو، وتطوير الممر العابر لبحر قزوين. وسيتم جذب شركات الخدمات اللوجستية الرائدة في العالم للمشاركة في هذه المشروعات.
أيضا سيتم تحويل شركة النقل الوطنية "كازاخستان تيميرجولي" إلى شركة نقل وخدمات لوجستية متكاملة.
ويتطلب الأمر هنا إيلاء اهتمام خاص لجودة بناء الطرق البرية، بما في ذلك الطرق ذات الأهمية المحلية.
وعلى الرغم من التدفقات الضخمة من الميزانية الخاصة بهذا الشأن، لا تزال هذه المشكلة تشغل حيزا في أجندة الأعمال.
وقد سبق أن أصدرت تكليفات بأن نصل بنسبة الطرق المحلية التي تتمتع بحالة جيدة بحلول عام 2025 إلى 95٪. ويتعين على الحكومة أن تأخذ هذه القضية تحت إشرافها المباشر. فلا بد من تحقيق نتائج ملموسة في العمل على تحديد الأخطاء في بناء الطرق.
فحتى الآن تحدث حالات توقف في توفير البيتومين، وهو أمر يعد هزليا بالنسبة لدولة نفطية كبرى. لذا يجب على الحكومة إيجاد حل نهائي لهذه المشكلة.
بشكل عام، وبصراحة، فإن الإخفاقات المتتالية في عمل الحكومة، والنقص المتواصل تارة في الوقود وتارة في السكر يؤدي إلى استياء له مبرراته من قبل المواطنين. وهذا يعد نتيجة لتباطؤ وتردد مجلس الوزراء.
وإذا استمر الوضع على هذه الحال، فسيتعين مرة أخرى اتخاذ قرارات محددة بشأن التغيير في الكوادر.
علاوة على ذلك، يحتل قطاع البناء مكانة مهمة في هيكل الاقتصاد الوطني، إذ يمثل ما بين 5 إلى 6% من اجمالي الناتج المحلي للبلاد، وإذا اخذنا في الاعتبار القطاعات المرافقة له فسيزيد هذا المؤشر إلى أكثر من ذلك بكثير.
في الوقت نفسه، يخضع قطاع البناء والمعمار في الآونة الحالية لما يزيد عن ألفين ونصف الألف من اللوائح والتشريعات المختلفة، حيث تم وضع نظام بيروقراطي معقد يولّد الفساد. وحتى الآن يجري استخدام معايير وقواعد البناء التي عفا عليها الزمن.
لذلك أكلف الحكومة بإصدار تشريع جديد تماما هو "قانون تخطيط المدن".
حيث يتعين في كل مدينة إنشاء خرائط تفاعلية لقطع الأراضي وشبكات المرافق.
وفي السجل المساحي للأرض يجب تزويد خرائط المواقع المخصصة للأغراض الصناعية بمخططات حديثة للنقل والبنية التحتية للمرافق العامة.
أيضا لا تزال التنمية الزراعية هي إحدى القضايا الرئيسية.
إن وضع هذا القطاع يؤثر تأثيرا مباشرا على الأمن الغذائي للبلاد. لذا فمن الضروري إيجاد حل للمهمة الاستراتيجية المتمثلة في زيادة حجم الإنتاج وزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية المحلية.
فالزمن الذي كان بإمكاننا أن نبيع فيه الحبوب والماشية قد ولى وأصبح في عداد الماضي. لذا يجب على الحكومة إعداد أساليب جديدة طويلة الأجل لدعم هذا القطاع، حيث يجب أن تحقق أموال الموازنة العامة مردودا فعالا. فبعد الآن لن تهدر الدولة الأموال يمينا ويسارا. لذلك يتعين تشديد الرقابة على تخصيص وانفاق الدعم.
هذا وتمثل التعاونيات الزراعية آفاقا واعدة أمام تنمية القطاع الزراعي.
فقد تم تنفيذ مشروع تجريبي من هذا القبيل، وأسفر عن زيادة المحصول في التعاونيات المشاركة في المشروع بمقدار الضعف، كما أسفر عن زيادة في الثروة الحيوانية بمقدار الربع تقريبا.
لذا يجب تعميم هذه التجربة الناجحة تدريجيا في جميع أنحاء البلاد ، مع مراعاة خصوصية كل إقليم.
إن هذا القطاع في حاجة ماسة إلى حلول تكنولوجية متقدمة.
ولا يتوافر الآن نظام معلومات متكامل لتطوير قطاع الزراعة.
لذا سيتم دمج جميع المعلومات المتناثرة حول حالة الأراضي الزراعية، وموارد المياه وأنظمة الري، وإمكانية الوصول إلى وسائل النقل في منصة رقمية واحدة.
بشكل عام، اعتبارا من العام المقبل يجب أن يبدأ مجمع الصناعات الزراعية في البلاد في العمل وفقا لقواعد جديدة ومستقرة.
وأود هنا أن أتطرق بشكل خاص بالحديث إلى نشاط اللجنة المختصة بنزع الأراضي غير المستغلة.
فمن خلال عمل اللجنة تمكنت الدولة فعليا من استرداد ما يقرب من 2.9 مليون هكتار من الأراضي الزراعية إلى الدولة، ومن المخطط استرداد ما لا يقل عن 5 ملايين هكتار بحلول نهاية العام.
تبلغ المساحة الإجمالية للأراضي غير المستغلة أو المسلَّمة بالمخالفة لقانون الأراضي حوالي 10 مليون هكتار.
لذا يتعين على الحكومة ومحافظي المقاطعات اتخاذ قرارات محددة بشأن هذه الأراضي قبل نهاية عام 2023، خاصة وأنه قد تم رفع الحظر المفروض على عمليات التفتيش المتعلقة بقضايا الأراضي.
أيضا من العوائق الكبرى التي تقف أمام التنمية الاقتصادية المستدامة بالبلاد هو نقص الموارد المائية.
في ظل الأوضاع الحالية أصبح هذا الموضوع يندرج ضمن قضايا الأمن القومي.
فانخفاض تدفق المياه من الخارج يتفاقم بسبب الاستخدام غير الفعال لهذه المياه، حيث تصل نسبة الفاقد إلى 40٪.
أما المشاكل الأخرى التي تطفو في هذا المجال فمنها: التدهور الشديد في البنية التحتية، وانخفاض مستوى الميكنة والرقمنة، وعدم توافر البحوث العلمية الداعمة، ونقص الكوادر.
ولحل هذه المشاكل لا بد من تنشيط عمل مجلس المياه التابع للحكومة من خلال جلب الخبراء.
ومن أجل تدريب الكوادر المطلوبة يتعين تحديد مؤسسة تعليمية عليا قوية تقوم بهذا التدريب.
بشكل عام يتطلب تطوير قطاع المياه إعداد مشروع مدته ثلاث سنوات.
 
ثالثا: الاستثمارات الاستراتيجية في مستقبل البلاد
إن الشعب هو الثروة القومية الأولى في بلادنا.
لذلك فإن العدالة في توزيع الثروات القومية وتوفير تكافؤ الفرص لكافة المواطنين يعد الهدف الأساسي للإصلاحات التي نقوم بها.
ولا يمكن تحقيق تنمية متناسقة بالمجتمع إلا بضمان صحة الشعب.
وعلى الرغم من الإصلاحات التي جرت في قطاع الرعاية الصحية، فإن الوضع في هذا القطاع لا يزال يحتاج إلى المزيد.
ومن الواضح أن كم المشاكل المتراكمة لا يمكن حلها في لحظة. لذلك يجب أن تتركز الجهود على الجوانب ذات الأهمية القصوى، وأحدها هو نظام التمويل.
فالنقص المزمن في تمويل هذا القطاع يؤدي إلى عدم حصول المواطنين المؤمن عليهم على القدر المقرر لهم من الخدمات الطبية.
ومما يزيد من تفاقم الوضع هو التقسيم المصطنع للرعاية الصحية إلى حزمة تكفلها الدولة وحزمة يوفرها التأمين.
ويجب أن أعلن أنه لا يوجد نموذج تأمين من هذا القبيل، فهذا خطأ كبير.
فلا بد أخيرا من إطلاق نظام التأمين الصحي الطوعي.
لذلك أصدر تكليفاتي للحكومة بمراجعة أساليب تمويل الرعاية الصحية والقطاع الاجتماعي ككل.
كما ينبغي أيضا إيلاء اهتمام خاص للتحسين الشامل للبنية التحتية الصحية، بما في ذلك من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
إن قطاع الطب يعد من القطاعات الجاذبة للاستثمارات، ما علينا سوى تهيئة الظروف المناسبة.
وقد اتخذت قرارا بالبدء اعتبارا من العام المقبل في تنفيذ مشروع قومي يهدف إلى تلبية احتياجات سكان الريف في بلادنا.
حيث سيتم في غضون عامين إنشاء مراكز طبية وعيادات للنساء والتوليد وتجهيزها بالكامل في 650 قرية من القرى التي لا يتوفر بها وحدات صحية حاليا.
في الوقت ذاته ستتيح الدولة إمكانية الحصول على الرعاية الصحية الأولية لما يزيد على مليون مواطن.
كما يتضمن المشروع القومي تحديث 32 من المستشفيات المركزية وتحويلها إلى مؤسسات علاجية عامة متعددة التخصصات. حيث ستحتوي هذه المؤسسات على مراكز للسكتة الدماغية وأقسام للجراحة والإنعاش وإعادة التأهيل. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى النهوض بجودة الخدمات الطبية لما يزيد على أربعة ملايين مواطن.
بالإضافة إلى ذلك سيتم تطوير التطبيب عن بعد، والذي سيتيح توفير الرعاية الصحية عالية الجودة لسكان المناطق النائية.
ولزيادة القدرة التنافسية للرعاية الصحية المحلية لابد من التحسين المستمر لنظام إعداد الأطباء. حيث سيتم إنشاء مستشفيات وعيادات جامعية متعددة التخصصات في الجامعات الطبية. وعلى مدار ثلاث سنوات سيتم زيادة العدد السنوي للمنح المخصصة لإعداد الأطباء المقيمين بنسبة 70٪.
كل هذه الإجراءات ستساعد في تحسين صحة الشعب ليس بالأقوال بل بالأفعال.
القضية المهمة التالية هي وضع منظومة التعليم، التي تلعب دورا حاسما في النهوض بقدرات الشعب.
فلدينا مثل شعبي يقول: "مستقبل البلاد يتشكل في مهد الطفل".
لذلك يجب أن تمثل مرحلة التعليم قبل المدرسي أولوية بالنسبة لنا.
لكن في الأونة الحالية لا يغطي التعليم قبل المدرسي سوى ما يزيد قليلا عن نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و 6 سنوات، وهو وضع غير مقبول.
فمن الضروري إيجاد حل جذري لمشكلة توفير رياض الأطفال.
في الوقت نفسه ينبغي اتخاذ إجراءات فاعلة من أجل تحسين الوضع الاجتماعي والأجور للمعلمين.
في غضون ذلك لا بد من وضع شروط محددة يجب توافرها في المتخصصين في هذا المجال، مع خفض أعباء العمل على مراحل.
إن المعلمين المخلصين في عملهم هم قاطرة التقدم في التعليم.
لذلك فمن يحتاج إلى التقييم ليس هم رياض الأطفال، وإنما المربّون.
أيضا هناك عامل مهم آخر من عوامل تشكيل المجتمع الناجح، ألا وهو جودة التعليم الثانوي.
فيجب أن يتوفر لكل طالب كازاخستاني الظروف الملائمة للتعلم والتنمية الشاملة.
وهذا ما يهدف إليه المشروع القومي الجديد "المدرسة المريحة".
فحتى عام 2025 سنقوم بتوفير ثمانمائة ألف مكان للطلاب وفقا للمعايير الحديثة، ما يسمح بالقضاء نهائيا على مشكلة مدارس الطوارئ ومدارس الثلاث فترات تدريسية.
كما سيقضي هذا الإجراء بشكل كبير على التباين في جودة البنية التحتية التعليمية في المدن والقرى.
بشكل عام يجب أن تمثل عملية بناء المدارس الجديدة أولوية من أولويات الحكومة وحكام الأقاليم.
إن جميع الأموال، التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني، والتي تنتقل تحت تصرف الدولة نتيجة لمحاكمات المسؤولين الفاسدين، يجب أن تنفق على بناء المدارس. ويتعين على الحكومة اتخاذ قرار بتقنين هذا الإجراء.
من الضرورة القصوى أيضا ضمان قدرة جميع الطلاب على اقتناء الزي المدرسي قدر الإمكان.
وأعتقد أن على الدولة أن توفر هذا الزي من أموال الموازنة العامة للأطفال من الفئات غير القادرة بالمجتمع.
وفي هذا الصدد يجب توجيه المشتروات الحكومية الخاصة بشراء الزي المدرسي لتطوير الصناعات الخفيفة بالبلاد.
وإني على ثقة كبيرة بأن معلمي المدارس سيضطلعون بدور حاسم في بناء دولة العدل في كازاخستان.
وقد بذلت الدولة في السنوات الأخيرة الكثير من الجهود لزيادة جاذبية هذه المهنة.
ومع ذلك فنحن لا نزال في حاجة إلى المزيد من التحولات الإيجابية في هذا المسار.
فالأمر يتطلب إقرار معيار جديد لاعتماد الجامعات التربوية ووضع إطار لكفاءات المعلم.
وفي ظل التقدم العلمي والتكنولوجي العالمي يعد من الأهمية أن نتوسع في تدريس مواد العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية في المرحلة الثانوية.
ويجري الآن في البلاد حوار مجتمعي حول تدريس اللغتين الكازاخية والروسية في المدارس. وأقول بوضوح شديد: يجب أن ننشّئ أطفالًا يجيدون اللغتين الكازاخية والروسية. وهذا لصالح الجيل الصاعد، فيجب أن تنطلق وزارة التربية والتعليم على وجه التحديد من مصالح الأطفال، وليس اتباعا لنهج الشعبويين، إذ يتعين على الجيل الصاعد أن يقف على قدمين ثابتتين من حيث ما يكتسب من معارف، بما في ذلك إتقان اللغات. فمعرفتهم هي قوتنا.
بدورها تحتاج مؤسسات التعليم الفني والمهني إلى التركيز على الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل ومجاراة مهام المسار الاقتصادي الجديد للبلاد.
في الوقت نفسه يلزم بناء شراكات دائمة مع أولياء الأمور والطلاب، الذين يتعين عليهم تحمل نصيبهم من المسؤولية عن جودة وأهمية المعارف والمهارات المحصَّلة.
ولهذا الغرض تحديدا من المخطط إدخال نظام الفاتورة التعليمية الفردية.
حيث يتم تجميع كافة الأموال التي توفرها الدولة لتعليم الطفل، بما في ذلك الأنشطة خارج الفصل الدراسي، في كشف حساب تعليمي موحد.
وسيكون هذا في واقع الأمر هو رأس المال الأساسي المستهدف للأطفال، الذي بإمكانهم استثماره في تعليمهم.
هذه الخطوة ستتيح عمليا تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص لكل مواطن في بلدنا.
وفي إطار منطق التطوير هذا يتعين أيضا مواصلة الإصلاحات في مجال التعليم العالي.
فبمقدار تحسن جودة الجامعات المحلية ستزداد أيضا تكلفة الدراسة بها.
لذلك تعتزم الدولة تخصيص منح تعليمية يتم تقسيمها -  بناء على نتائج الاختبار الموحد وغيرها من المؤشرات – وفقا لحجم المنحة: من 30 إلى 100٪.
كما سيتم تقديم قروض تعليم ميسرة بفائدة سنوية تتراوح بين 2 - 3٪.
هذه الإجراءات ستزيد من سهولة الحصول على تعليم عال، كما ستعزز فكر الشراكة والمسؤولية المتبادلة في المجتمع.
القضية الحساسة التالية هي توفير المساكن للطلاب.
ولحل هذه المشكلة يتطلب الأمر العمل بنشاط على إدخال آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص من ناحية والجامعات وشركات المقاولات من ناحية أخرى.
في الوقت ذاته أعتقد أن من الخطأ إلقاء حل جميع المشاكل على كاهل الدولة.
لذلك يجب أن يكون توفر مساكن للطلاب شرطا من شروط وصول الجامعات الخاصة إلى التمويل العام.
وبالطبع مثل هذه المتطلبات للمؤسسات التعليمية يجب إدخالها بشكل تدريجي.
من الممكن أيضا صياغة إمكانية دعم نفقات المعيشة لبعض الفئات غير القادرة من الطلاب.
كذلك يجب أن تصبح أموال التبرعات في مؤسسات التعليم العالي حلقة رئيسية في تطوير منظومة البيئة التعليمية. ففي الجامعات الرائدة في العالم تعتبر صناديق التبرعات بمثابة العمود الفقري للتمويل المستدام للبحوث العلمية والابتكار.
ومن العوامل الرئيسية في تحسين مستوى المعيشة للمواطنين هو زيادة الرواتب لتتناسب وظروف السوق.
في هذا الإطار ستستحدث الدولة منهجية جديدة لتحديد الحد الأدنى للأجور، مما يتيح زيادته تدريجيا.
وقد أصدرت قرارا برفع الحد الأدنى للأجور من 60 إلى 70 ألف تينجيه، وهو ما سينعكس انعكاسا مباشرا على الدخل لدى 1.8 مليون مواطن.
من الضروري كذلك إجراء إعادة هيكلة كبيرة في نظام التقاعد.
حيث يتعين رفع الحد الأدنى الأساسي للمعاشات تباعا ليصل إلى 70٪ من الحد الأدنى للكفاف، والحد الأقصى إلى 120٪، وهو ما سيسمح، إلى جانب القرارات السابقة، بزيادة إجمالي المعاش التقاعدي في المتوسط بمعدل 27٪ بحلول عام 2025.
علاوة على ذلك، وأخذا في الاعتبار المطالب الشعبية الواسعة، سيتم تحديد سن التقاعد للمرأة عند 61 عاما حتى 2028.
أيضا من الضروري وضع استراتيجية استثمار فعالة لصندوق المعاشات التراكمي الموحد، حيث يمكن جذب الشركات الخاصة ذات السمعة الطيبة والموظفين من ذوي الكفاءات للمشاركة في هذه الاستراتيجية.
أيضا سيتطلب الأمر تعديل نظام الضمان الاجتماعي.
حيث سنقوم اعتبارا من يناير 2023 بزيادة فترة مدفوعات رعاية الأطفال إلى سنة ونصف، مما يسمح ببقاء الآباء مع أطفالهم لفترة أطول في سن الطفولة الأكثر أهمية.
وبالنسبة للمشتركين في منظومة التأمين الاجتماعي سيتم رفع مدفوعات فقد الوظيفة لتصل إلى 45٪ من متوسط الدخل الشهري، الأمر الذي يساعد هذه الفئة من المواطنين في العودة إلى ممارسة العمل بسهولة وسرعة أكبر.
ومن أهم العناصر في النهوض بمستوى معيشة المواطنين هو إنشاء نظام موحد للمعونة الاجتماعية الموجهة.
فمن المخطط اعتبارا من عام 2023 استحداث البطاقة الرقمية للأسرة والمحفظة الاجتماعية.
وفي إطار هذه المبادرات سيتم دمج العديد من إجراءات الدعم الحكومي، بحيث تصبح مفهومة، والأهم من ذلك تصبح انتقائية واستباقية.
كذلك يعتبر الدعم الشامل للشباب هو أحد أولوياتنا المطلقة.
ففي العام المقبل سيستفيد ما يقرب من مائة ألف شاب من مختلف أنشطة التوظيف.
ولدعم مشروعات الشباب سيتم إطلاق آلية منفصلة للقروض الميسرة متناهية الصغر بفائدة سنوية 2.5٪.
إن الإجراءات المقترحة ستعمل على رفع كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية للمواطنين، كما ستجعل مجتمعنا أكثر انسجاما وإنصافا.
لقد أصبحت تعديلات الدستور التي أيدها الشعب في الاستفتاء العام رمزا لكازاخستان العادلة.
لقد رسخنا في القانون الأساسي للدولة المبدأ الرئيسي القائل بأن الأرض والموارد الطبيعية ملك للشعب. وهذا ليس مجرد إعلان منمق، ولكنه الدافع وراء كافة الإصلاحات.
فكل أسرة من حقها الحصول على عائد حقيقي من استغلال الثروات القومية للبلاد.
لذلك أعتبر من المهم للغاية، في إطار عام الطفل الذي أعلنت عنه، إطلاق البرنامج الجديد نوعيا "الصندوق الوطني  من أجل الأطفال".
حيث أقترح تخصيص 50٪ من الدخل الاستثماري السنوي للصندوق الوطني لحسابات التوفير الخاصة بالأطفال لحين بلوغهم سن الثامنة عشرة، دون الحق في السحب المبكر.
وفور بلوغ سن الرشد توجَّه المبالغ المتراكمة لشراء المسكن وتلقي التعليم، بحيث تمنح هذه الأموال الجيل الصاعد بطاقة حقيقية للعبور إلى مرحلة البلوغ. وبهذا سوف يكتسب الصندوق بالفعل سمة الوطنية ويخدم مصالح الشعب.
ونظرا للحاجة إلى صياغة دقيقة لهذه المبادرة واسعة النطاق، فإنني أكلف بإطلاق المشروع اعتبارا من الأول من يناير 2024.
ومن المبادرات الأخرى، التي تتفق وروح كازاخستان الجديدة، تحويل ما لا يقل عن 7٪ سنويا من صافي الدخل لصندوق "سامروك كازينا" إلى صندوق "كازاخستان خلقينا" العام.
بالإضافة إلى ذلك، أنا على ثقة من أن رجال الأعمال الناجحين والمواطنين الأثرياء سيواصلون الإسهام بأموالهم في هذا الصندوق.
بشكل عام من أجل تنمية الطاقات البشرية من المهم جذب المتخصصين الموهوبين من الخارج، لا سيما من حققوا نجاحا في مجالات الإبداع والأعمال.
والمقصود هنا هو تبني سياسة هجرة فعالة.
فمن الأهمية تقليص العجز في الكوادر الأكثر طلبا وذوي الكفاءات.
وبالنسبة للمهنيين المتميزين في مجال العلوم والصحة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات ستقوم  الدولة بتقديم امتيازات وتوفير التأشيرات مع الحق في الحصول على تصريح إقامة.
أما بالنسبة لرجال الأعمال الأجانب الذين استثمروا أكثر من 300 ألف دولار في اقتصاد بلادنا فسيكون لديهم فرصة للحصول على تأشيرة لمدة عشر سنوات وتصريح إقامة.
كذلك ستطال الإصلاحات الجذرية سياسة إعادة توطين ذوي الأصول الكازاخية وتنظيم الهجرة الداخلية.
وفي هذا الشأن يعد من الأهمية الكبرى استخدام الأساليب التي تأخذ بعين الاعتبار الاتجاهات الديموغرافية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، وكذلك المصالح الوطنية العامة.
إن قوة الأمة تكمن في أفرادها، في صحتهم وعلمهم العميق.
ومن الأهمية القصوى أن يقدر مجتمعنا المهنية والجدية في العمل.
وأكرر مرة أخرى: إن المواطنين الجادين في العمل والمتمرسين في مهنتهم يجب أن ينالوا أكبر احترام في البلاد.
فهؤلاء المواطنون تحديدا هم من يقوون سواعد دولتنا.
وقد سلطت الضوء على هذا الموضوع بشكل خاص في جلسة مؤتمر "القورولطاي الوطني"، وكذلك في مؤتمر جناح الشباب لحزب "أمانات".
إن من واجبنا تكريم الشعب العامل.
لا يهم نوع العمل الذي تقوم به، الأهم هو اتقان هذا العمل.
فيجب على الشباب أن يسعوا جاهدين لفهم كافة التفاصيل الدقيقة لمهنة بعينها، لأن عمل المحترفين دائما ما يلقى التقدير اللازم.
يجب أن يكون جيلنا الصاعد قادرا على المنافسة ليس داخل كازاخستان فحسب، وإنما خارجها أيضا.
إن مواطني الدول المجاورة يكدون في الخارج غير متعالين على أي نوع من العمل، ومنهم الكثير من المحترفين الذين حققوا نجاحا كبيرا في بلدنا.
أهم شيء هو العمل الشريف، ونحن بحاجة إلى تنشئة جيل يفهم هذا جيدا.
لذا يجب إيلاء الكثير من الاهتمام لهذه القضية في العمل التثقيفي.
 
رابعا: إعادة تفعيل الإدارة الحكومية
تتطلب الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المزمعة إعادة تشغيل لمنظومة الإدارة الحكومية.
لقد سئم الناس البيانات الفارغة والعروض التقديمية التي لا تنتهي عن المستقبل المشرق، وصار المواطنون ينتظرون من أجهزة الدولة تنفيذا فعليا وليس شكليا لوعودهم.
لذا يجب التركيز على إلغاء المركزية في منظومة الإدارة الحكومية، وفي نفس الوقت زيادة المسؤولية الشخصية للمسؤولين.
بناء عليه يجب نقل جزء من اختصاصات الحكومة إلى الوزارات، بحيث يكون كل وزير  مسؤولا عن سياسة قطاع معين، وليس "مجلس الوزراء مجتمعا". بينما تركز الحكومة على حل القضايا المشتركة بين القطاعات.
والخطوة الأولى في هذا الاتجاه ستكون هي تحويل مكتب رئيس الوزراء إلى جهاز مصغر للحكومة يتماشى والمعايير المتقدمة للإدارة الحكومية. والأمر لا يتعلق بتغيير المسمى، بل بالإصلاح الحقيقي.
ومن خلال تحسين التوزيع الرأسي للمؤسسات المركزية يتعين علينا توسيع صلاحيات الأجهزة التنفيذية المحلية بشكل كبير.
فهذا من شأنه أن يؤدي إلى تقريب حل القضايا الملحة من الأقاليم، من الشعب ذاته.
كذلك يلزم الاهتمام بشكل كبير بقضايا الحكم الذاتي المحلي، وإعادة تنسيق أنشطة المجالس الأهلية وجمعيات ملاك الشقق واتحادات الملاك.
أيضا من الضروري العمل على تنظيم المباني السكنية والبنية التحتية للمدن، إذ أن مظهرها الخارجي وعمل البنية التحتية الداخلية لا يلبي تطلعات المواطنين، ويشوه سمعة البلاد في نظر الأجانب.
كذلك أكلف الحكومة بصياغة إصلاحات إدارية جديدة لزيادة فعالية ومسؤولية أجهزة الدولة. فكازاخستان الجديدة بحاجة إلى مدراء حكوميين جدد.
فلابد من أخذ متطلبات العصر في الاعتبار لإعادة هيكلة نظام اختيار وإقالة موظفي الخدمة المدنية.
أيضا يتعين فتح الخدمة المدنية على مصراعيها للكوادر المتمرسة من القطاع الخاص.
كذلك من الضروري تعزيز احتياطي الكوادر.
كما يجب أن تصبح وكالة الخدمة المدنية مؤسسة متكاملة للموارد البشرية الاستراتيجية.
ويتعين على الحكومة، بالتعاون مع هذه الوكالة، إطلاق منصة خاصة لتعزيز إمكانات أبناء شعبنا في جميع أنحاء العالم.
أيضا ينبغي إيلاء اهتمام خاص لتحسين كفاءة الإدارة في القطاع شبه العام.
وقد بدأ العمل بالفعل في هذا الاتجاه، ويتعين الوصول به إلى النتيجة المرجوة.
ويتطلب هذا الانتهاء أخيرا من تحديد النموذج الجديد الذي سيعمل به صندوق "سامروك كازينا".
وفي هذا الشأن يجب الاسترشاد بأفضل شركات الاستثمار والمؤسسات الإنتاجية في العالم.
كذلك إدارة أصول الدولة يجب أن تصبح أكثر شفافية.
وستتولى الحكومة إعداد تقرير سنوي وتقديمه إلى البرلمان.
 
خامسا: القانون والنظام
يجب ضمان سيادة القانون وحسن تطبيق العدالة.
وهذا يتطلب تجديدا وإنعاشا عاجلا لسلك القضاء.
حيث يجب أن يتسم القضاة بالكفاءة العالية والنزاهة والشرف.
في المقام الأول لا بد من ضمان المساواة في الوضع بين القضاة كافة، وذلك عن طريق تقليص تبعية القاضي لزميله من الدرجة الأعلى.
كذلك سيتم تحويل العديد من درجات رؤساء المحاكم إلى مناصب قضائية.
وأقترح تطبيق آليات الانتخاب عند قيام القضاة أنفسهم باختيار المرشحين لمناصب رؤساء المحاكم ورؤساء هيئات المستشارين.
من الضروري أيضا البدء في إدخال آليات اختيار قضاة المحكمة العليا، حيث يقترح الرئيس عددا من المرشحين على مجلس الشيوخ للاختيار من بينهم.
ومن المهم خلق الحوافز وتهيئة الظروف المناسبة لجذب أفضل القانونيين إلى هذا المجال.
وحتى نتمكن من النهوض باستقلالية القضاة يجب تعزيز مكانة المجلس الأعلى للقضاء. حيث سيتم نقل شئون تدريب المرشحين لمناصب القضاة، ورفع الكفاءة، وتمديد الحد الأدنى للسن، وتعليق وإنهاء صلاحيات القضاة العاملين إلى اختصاص المجلس.
إن هذه الهيئة الحكومية يجب أن تتحول إلى مؤسسة مكتملة الأركان ذات وظائف محددة في تعيين الكوادر، بدءا من انتقاء القضاة، وانتهاء بالتوصيات الخاصة بتعيينهم من كافة المستويات.
أيضا من الأمور المهمة للغاية القضاء على تأثير الأجهزة السيادية، وذلك من خلال سحب كافة أدوات الضغط الإداري على القضاة من أيديهم.
وتزامنا مع تقييد التدخل في عمل القضاة سيتم أيضا تعظيم مسؤوليتهم عن ارتكاب المخالفات الجسيمة. فكل إجراء قضائي ملغى، ارتكب القاضي خطأ جسيما في إصداره، يجب فحصه من قبل هيئة المحكمين القضائية.
كذلك يتعين إعادة النظر في مؤسسة تقييم القضاة ومساءلتهم وفقا لمعيار "حسن تطبيق العدالة".
أيضا مؤسسة الاستئناف تبدو بحاجة إلى الإصلاح، حيث يجب أن تصدر القرارات في هذه الدرجة حسب الوضع القائم، دون الرجوع إلى محمكة الدرجة الأولى.
من الضروري أيضا توسيع نطاق القضاء الإداري، فتحويل حزمة كبيرة من المخالفات الإدارية والنزاعات المدنية مع مؤسسات الدولة إلى قانون الإجراءات والمرافعات من شأنه أن يضفي على العدالة المحلية طابع الإنسانية والإنصاف.
في نفس الوقت يلزم معالجة المسائل المتعلقة بإتاحة فرصة التقاضي على مستوى المحاكم الجزئية والكلية.
ويرى قطاع الأعمال، ومعه الحق في ذلك، أن رسوم المحاكم المبالغ فيها تشكل عائقا كبيرا أمام حماية مصالحه. لذلك يجب تحديد مبالغ معقولة من رسوم نزاعات الملكية بدلا من نظام النسبة المئوية من مبلغ الدعوى المعمول به حاليا.
كذلك يتطلب الأمر الحد من مشاركة الدولة في التقاضي، فقد آن الأوان للتعامل مع تقاضي مؤسسات الدولة فيما بينها.
فإذا كانت هناك وزارتان تختلفان في فهمهما للقانون، فالحكومة هي التي يتعين عليها البت في هذا الموضوع.
ويمكن تطبيق هذا النهج أيضا على النزاعات بين أجهزة الدولة ومؤسساتها.
وكثيرا ما تصدر أحكام مختلفة في قضايا متشابهة في أقاليم مختلفة. لذلك يجري الآن وضع مجموعة أدوات رقمية وتحليلية لضمان توحيد الأحكام. ويتعين على المحكمة العليا التعجيل بتعميم هذا النظام الرقمي.
وبالطبع، لا ينتهي إصلاح النظام القضائي عند هذا الحد، وإنما سيتم تطويره بسواعد الاختصاصيين خارج نطاق المحكمة العليا. وهو الأمر الذي يؤدي إلى جعل هذه العملية أكثر تنافسية، وأكثر انفتاحا على فئات الرأي العام والخبراء المستقلين، وبالتالي جعله أكثر كفاءة.
بعد ذلك سوف أتوقف عند إصلاح قطاع الأمن.
وهذا القطاع عادة ما يقع في بؤرة اهتمام الرأي العام.
وقد كانت أحداث "يناير الأسود" بمثابة اختبار فعلي لمنظومة حفظ الأمن.
وقتها وتحت تأثير المندسين تحولت المسيرات إلى أعمال شغب جماهيرية، اتخذت فيما بعد طابع التمرد المناهض للدولة. ونال الكثير من المحرضين أحكاما خفيفة أو مع إيقاف التنفيذ. لكن حجم الانتهاكات التي ارتكبوها كان أكبر من ذلك بكثير، لأنهم عملوا متعمدين على تأجيج الأوضاع، ولعبوا دورا رئيسيا في تصعيد الموقف، الذي انتهى بمأساة.
وقد تقدم إليَّ الحقوقيون وممثلوا سلك المحاماة مرارا وتكرارا باستنادات تقضي بتشديد العقوبة على التحريض على أعمال الشغب الجماهيرية.
وحججهم في ذلك في محلها تماما، لذلك أصدر تكليفات إلى الجهات المختصة لدراسة هذه المسألة واتخاذ إجراءات محددة بشأنها.
إننا يجب أن نتعامل بكل حزم مع أي استفزازات علنية أو أعمال منافية للقانون.
إن كل من يرتكب مثل هذه الأعمال التخريبية ويحرض على انتهاك القانون لن يفلت من العقاب الشديد.
وأود أن أذكِّر المجتمع بأسره بمبدأنا العام: "نعم للتعددية السياسية، لا وألف لا للتطرف واللصوصية والبلطجة".
حينما تجد الاستفزازات المغرضة موطئا لها، لا يمكن الحديث عن حرية التعبير وتعدد الآراء. فهذا اعتداء على استقرار المجتمع وأمنه، ومحاولة لزعزعة دعائم الدولة.
نحن اليوم بحاجة إلى الوحدة أكثر من أي وقت مضى.
فسواء المشاركون في الأعمال الاحتجاحية أو رجال إنفاذ القانون هم من أبناء الوطن، ويتطلعون ليس فقط إلى تطبيق العدالة بموضوعية، وإنما أيضا إلى الرحمة من قبل المجتمع.
وقد خففت الدولة بالفعل العقوبة على المشاركين في أحداث يناير ممن لم يرتكبوا جرائم خطيرة.
وأدرك العديد من الخارجين عن القانون خطأهم وندموا على ما فعلوا.
وأعتقد أنهم يستحقون فرصة ثانية. لذلك اتخذت قرارا بإصدار عفو لمرة واحدة عن المشاركين في أحداث يناير.
بالطبع، لن يسري هذا العفو على المتهمين الرئيسيين المتورطين في تنظيم أعمال الشغب، وكذلك المتهمين بالخيانة العظمى ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة.
كذلك لن يطال العفو من ارتكبوا جرائم إرهاب أو تطرف وأصحاب السوابق من هذا النوع ومن استخدموا وسائل التعذيب.
ومع هذا التصرف الإنساني، سنستخلص - كأمة - الدروس من هذه المأساة ولن نسمح بتكرارها.
كذلك سيتم صرف معونة مادية لأسر ضحايا أحداث يناير ممن يعانون من أوضاع مالية صعبة.
وأعتقد أن مؤسسة "كازاخستان خلقينا" ستسهم أيضا مساهمة قيمة في هذه المسألة النبيلة.
ولعل أحد الدروس المهمة المستفادة من مأساة يناير هو إدراك الحاجة إلى تشديد الأمن العام بصورة كبيرة.
أيضا انتشرت في الآونة الأخيرة الجرائم الخطيرة مثل جرائم القتل وحروب العصابات. وقد صارت هذه الجرائم ترتكب باستخفاف واستهتار كبيرين، وتمثل تحديا للمجتمع الكازاخستاني بأكمله.
لذا يجب القضاء على هذه الظاهرة في مهدها، وذلك من خلال تشديد العقوبة وإلغاء الإفراج المبكر عن مرتكبي مثل هذه الجرائم.
أيضا لا تزال تطرح في المجتمع منذ فترة طويلة قضية تجريم العنف الأسري.
لكن أجهزة إنفاذ القانون لديها شك في مدى الحاجة إلى اتخاذ هذه الخطوة، حيث يعتقدون أنها ستؤدي إلى انخفاض نسبة الكشف عن مثل هذه الجرائم.
وهناك شيء من الحقيقة في هذا. ومع ذلك، ومهما كان الأمر، لا يمكننا أن نغض الطرف عن كثرة حالات العنف الأسري.
إن إفلات الجناة من العقاب يطلق لهم العنان، ويترك ضحاياهم عمليا بلا حماية.
وأعتقد أنه قد آن الأوان لتشديد المساءلة عن مثل هذه الأعمال.
فلا يجب أن يخشى ضحايا العنف الأسري إدانة المجتمع أو الضغط من أية جهة. لذلك يتعين على رجال الشرطة التعامل معهم بحذر شديد، مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة.
أيضا انتشار تعاطي المواد المخدرة المصنعة يمثل خطرا كبيرا على صحة الأمة.
والمشهد سلبي للغاية، فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية زاد حجم المواد المصادرة من هذا النوع من المخدرات بمقدار عشرة أضعاف.
إن المخدرات المصنعة تصير عاما بعد عام أرخص ثمنا وأسهل منالا. فقد أصبحت تباع عمليا بلا قيود من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والمندوبين، حتى أن هناك خدمة التوصيل للمنازل.
ونظرا لانتشار هذا الداء الاجتماعي الخطير للغاية ينبغي أن تأخذ مكافحة إنتاج وتوزيع المواد المخدرة المصنعة بدورها طابعا قوميا عاما. لذلك من الضروري وضع خطة شاملة لمكافحة إدمان المخدرات والاتجار بها.
أيضا ينبغي إيلاء اهتمام خاص إلى جرائم الانترنت والاحتيال عبر الهاتف، حيث يتعين على أجهزة الأمن توسيع نطاق العمل المعلوماتي والتحليلي لتحديد هذه المخاطر وتحييدها.
كذلك ينبغي النهوض بصورة منهجية بعملية محو الأمية القانونية والمالية لدى المواطنين. 
أيضا من المهم تكثيف الجهود تباعا للكشف عن الآليات الأساسية، والبحث عمن يقفون فعليا وراء الفساد ومخططات الظل لنهب أموال الدولة والثروات القومية.
إلى جانب ذلك يلزم مراجعة القانون الجنائي وقانون المرافعات الجنائية والتخلص من كل ما لا يصلح أو يعرقل العدالة.
وما لا يقل أهمية هو ألا تخضع هذه القوانين – بعد إدخال التعديلات اللازمة – للتغيير بلا نهاية. فمنذ عام 2015 تم فعليا إدخال ما يزيد على 1200 تعديل على القانون الجنائي وقانون المرافعات الجنائية. فمن غير المسموح أن تتغير القوانين لتتلائم والظروف اللحظية أو المصالح الضيقة للمؤسسات.
لذلك ينبغي نقل صلاحيات تصحيح التشريعات الجنائية وقوانين المرافعات الجنائية إلى وزارة العدل، الأمر الذي يتطلب تعزيز الموارد البشرية وتحسين جودة سن القوانين بالوزارة.

الإخوة المواطنون!
لقد حددنا اليوم المسارات الرئيسية للإصلاحات القادمة.
فعلينا إعادة تنشيط كافة قطاعات الدولة والمجتمع.
إننا نقوم بعملية تحديث سياسي وفق معادلة أساسية هي "رئيس قوي - برلمان ذو نفوذ - حكومة خاضعة للمساءلة". وستتواصل الإصلاحات في هذا المسار. حيث سنعمل على تعزيز الوفاق الوطني العام والشراكة بين السلطة والمجتمع باتباع مبدأ "الدولة المصغية".
فلا يجب أن نركز على مسارات الانقسام، بل، على العكس، يجب أن نتكاتف من أجل تحقيق أهدافنا الطموحة. وهنا تحديدا يكمن المعنى العميق لفكرة كازاخستان دولة العدل الجديدة.
فأمامنا مهمة بالغة الأهمية، وهي الحفاظ على سيادة البلاد وسلامة أراضيها.
فلكي نتمكن من مواصلة تعزيز مقومات الدولة، نحن بحاجة إلى التضامن. ليس هناك خيار آخر. فلطالما كانت وحدة الشعب هي أهم قيمنا، واليوم تصير أكثر أهمية. ولطالما وضع شعبنا السلام والاستقرار فوق كل اعتبار.
في هذا الوقت العصيب ينبغي علينا أن نقوي من أواصر وحدتنا أكثر فأكثر. لذلك من المهم أن نكف عن غرس بذور عدم الثقة ونشر الخلاف في المجتمع.
 
أعضاء المجلس الموقر!
المواطنون الأعزاء!
أود أن أشارككم تصوراتي بشأن مستقبل بلادنا.
في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية نحن بحاجة إلى تعزيز مقومات الدولة لدينا تباعا، واتباع مسار الإصلاح والتحديث بحزم وإصرار.
فيجب علينا أن نكون براجماتيين للغاية في تحركاتنا، وأن ننطلق من المصالح بعيدة الأمد لبلادنا. كما أن من المهم للغاية الحفاظ على زخم الإصلاحات، وحل جميع القضايا السياسية وعدم وضعها على الرف.
وهذا يتطلب تنظيم الدورات الانتخابية المقبلة بعقلانية.
فكما تعلمون، من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الدورية في عام 2024 ، والبرلمانية في 2025.
وأرى من الضروري البدء في إعادة تنشيط شامل لمؤسسات الدولة الرئيسية وفقا للاستراتيجية الجديدة، الأمر الذي سيسمح لنا بتكثيف العمل المشترك من أجل رفاهية الفرد وازدهار البلاد برمتها.
فقد آن الأوان للتقليد السياسي، الذي يقضي بإخفاء السلطة خططها عن المجتمع، أن يصبح في عداد الماضي.
لذلك أعتزم اليوم أن أعلن على الملأ الجدول الزمني للحملات الانتخابية القادمة، حيث أقترح إجراء انتخابات رئاسية استثنائية في خريف العام الجاري. وذلك لأن النجاح في إجراء الإصلاحات الأساسية والشاملة، التي تهدف إلى بناء دولة العدل في كازاخستان، يتطلب تفويضا جديدا للثقة من قبل الشعب.
بالنسبة لي مصلحة الدولة فوق كل اعتبار. لذلك فأنا على استعداد للإقدام على انتخابات رئاسية مبكرة، حتى وإن كان على حساب تقليص فترة ولايتي.
بالإضافة إلى ذلك، وبعد تفكير طويل، توصلت إلى استنتاج مفاده أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في عدد فترات ولاية الرئيس ومدة الفترة الرئاسية، حيث أقترح أن تقتصر ولاية الرئيس على فترة واحدة مدتها 7 سنوات، دون الحق في إعادة انتخابه.
علام تستند هذه المبادرة؟
من ناحية، 7 سنوات تعد فترة كافية لتنفيذ أي برنامج طموح. ومن ناحية أخرى، فإن قصر الولاية الرئاسية على فترة واحدة سيضمن أن يركز الرئيس جل جهوده على حل المهام الاستراتيجية للتنمية الوطنية.
إن الحياة لا تقف جامدة في مكانها، وإنما ديناميكية العمليات الشاملة والتنمية الاجتماعية داخل البلاد تتسارع يوما بعد يوم.
فالملحمة الدستورية التي أطرحها ستقلل بشكل كبير من مخاطر احتكار السلطة. ولهذا السبب تحديدا أقترح إدخال نظام الولاية الرئاسية الواحدة، حيث يجب أن نرسي مبادئ حضارية لتشكيل السلطة وتشغيلها.
فالنظام الرئاسي الجديد سيعزز الاستقرار السياسي، ويرسخ النموذج الكازاخستاني للبناء الاجتماعي.
وبعد الانتخابات سأطرح مبادرة تحدد ولاية الرئيس بفترة واحدة على البرلمان للنظر فيها. وإذا تم تبني هذه المبادرة، ستبدأ حقبة سياسية جديدة في كازاخستان.
أيضا تحتل مسألة تطوير الحياة البرلمانية مكانا مهما في إطار التحديث السياسي في بلادنا.
فالدستور المحدث يضع معايير جديدة تماما للنظام السياسي مع تطبيق قواعد اللعبة العادلة والمكشوفة، حيث تم بالفعل تبسيط إجراءات تسجيل الأحزاب السياسية إلى حد كبير. كما سيبدأ العمل بالآليات الجديدة لتشكيل البرلمان والمجالس المحلية بنظام القوائم الحزبية والدوائر الفردية.
بشكل عام ينبغي الانتهاء قبل نهاية العام من وضع التشريعات الخاصة بكافة التعديلات المؤسسية التي تنص عليها الإصلاحات الدستورية، والتي ستؤدي إلى زيادة عدد الأحزاب السياسية، وتعظيم المنافسة السياسية، كما ستساعد على ظهور موجة جديدة من نواب الشعب.
إن الأجهزة النيابية المنتخبة بالمعايير القديمة لا بد من تحديثها من خلال مرورها عبر دورة انتخابية استثنائية.
لذلك أقترح إجراء انتخابات مجلس النواب والمجالس المحلية من مختلف المستويات في النصف الأول من العام المقبل.
بهذا سوف نحصل على فريق جديد من النواب يمثلون مصالح قطاعات عريضة من المواطنين. وأنا على ثقة بأن هذا سيزيد من كفاءة المجالس المحلية والبرلمان.
ففي المستقبل ستضم الحكومة ليس فقط ممثلي القوى السياسية التي حصلت على أغلبية أصوات الناخبين، وإنما أيضا ممثلي الأحزاب البرلمانية الأخرى، وهو ما يتيح للسلطة التنفيذية اتخاذ قرارات أكثر توازنا تلبي احتياجات المجتمع بأسره.
إذن سيشهد هذا العام انتخابات رئاسية، والعام المقبل انتخابات أعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية، وبعدها يتم تشكيل الحكومة.
والمحصلة أنه بحلول منتصف عام 2023 سيتم إعادة تشغيل وتحديث كافة المؤسسات السياسية الرئيسية، وهي: الرئيس والبرلمان والحكومة.
إننا نبني دولة عدل في كازاخستان تتسم بالمنافسة الحرة وتكافؤ الفرص للجميع.
ومن الأهمية الكبرى إجراء تحولات سياسية واسعة النطاق في نظام من الشفافية والصدق والثقة المتبادلة.
والإعلان على الملأ عن توقيت وتسلسل الدورة الانتخابية الجديدة إنما يتماشى ومبادئ المصارحة في اتخاذ القرار.
كل هذه الخطوات تضفي بالتدريج مضمونا حقيقيا على معادلتنا الأساسية: "رئيس قوي - برلمان ذو نفوذ - حكومة خاضعة للمساءلة".
إن مستقبل كازاخستان يولد اليوم، بأقوالنا وأفعالنا ونوايانا وتصرفاتنا.
إننا كل يوم نختار بين القديم والجديد، بين الركود والتطور.
أدعو كافة أبناء الوطن إلى الالتفاف حول المصالح الوطنية.
فنحن سنصير أمة قوية وناجحة، عندما يعزز كل منا وحدة هذه الأمة بما يملك من قوة، ويلتزم عن كثب بمبادئ العدالة. فبناء دولة العدل في كازاخستان لايزال في بدايته. وأمامنا طريق شائك. لكن هذا النهج ثابت لا يتزعزع، وسيتواصل تحت أي ظرف من الظروف داخليا كان أو خارجيا.
لن يكون هناك مكان للكسل والتخريب، ولن نحيد عن الدرب المقصود!
معا فقط سنبني كازاخستان!
المستقبل المشرق لوطننا العزيز في أيدينا!

إرسال تعليق

0 تعليقات

close
ضع اعلانك هنا