✍️ : د. كريم ابوعيش
في كل يوم، وسط الزحمة والضغط والجري، تلاقي موقف صغير يوقفك لحظة: حد يقول كلمة لطيفة، حد يساعد بدون ما يُطلب منه، حد يسأل عليك من غير مصلحة. مواقف بسيطة… لكنها كده بتلمّس القلب وتفكرك إن الطيبة مش اختراع، ولا حاجة ندور عليها بعيد. هي موجودة في تفاصيل صغيرة بتحصل قدّامنا كل يوم.
والإنسان الطيب مش محتاج يثبت إنه طيب، ولا يفكّر هو بيعمل الصح ولا غلط. هو بيتصرف على طبيعته. من جواه دايمًا عنده إحساس إنه يخفّف على اللي قدامه، يطبطب من غير ما يتكلم كتير، ويعدّي أخطاء الناس لأنه شايف الصورة الكبيرة. ويمكن ده اللي بيخلي وجوده مريح… وجود بيهدي النفس كأنك شربت كباية شاي دافية بعد يوم طويل.
والمضحك في الموضوع إنك مهما حاولت تبان قوي، وتشد على نفسك، وتقول “لازم أكون صلب”… الطيبة بتطلع لوحدها في لحظة. كلمة تسأل بيها على حد، خوف صغير على شخص بتحبه، لفتة تلقائية، حتى طريقة نظرة فيها رحمة… حاجات مش محسوبة. لأن الطيبة مش قرار، الطيبة طبع… والطبع بيكسب.
وبعض الناس يمكن يشوفوا الطيبة على إنها ضعف. لكن الحقيقة إن الطيب هو أكتر واحد بيقدر يواجه الدنيا وهو واقف على رجليه. لأنه لما يغلط، يعترف. ولما يتضايق، يهدّي نفسه وما يجرحش حد. ولما يشوف محتاج، ما يعدّيش. ده مش ضعف… دي قوة إنسانية حقيقية، قوة اللي قلبه صاحي ولسه بيحسّ.
والأجمل إن الطيبين ليهم حضور مختلف… حضور يشبه ريحة المطر أول ما تنزل. من غير ما يقصدوا، يدوك أمان. يخلّوك تحس إنك تقدر تكون نفسك من غير تجميل ولا دفاع. وكأن وجودهم في الحياة بيقول: “لسه فيه خير… ولسه فيه ناس قلوبها صافية”.
وفي الآخر… الطيبة مش مبدأ نظري ولا شعار كبير. الطيبة فعل يومي… كلمة تهدي حد، موقف يبدّل حال، إحساس صادق من غير شروط. والإنسان الطيب بيعدّي في حياتك ويسيبلِك أثر.
أثر بسيط يمكن… لكنه بيعيش جواك، ويقول لك مع كل مرة تتعب فيها: الدنيا لسه فيها ناس حلوة فعلًا.


0 تعليقات