فاطمة فتحي غوينم تكتب : الدين جوهر.. لا مظهر


كثير من الناس اليوم يختزلون الدين في قطعة قماش أو شكل خارجي، وكأن النقاب أو العمامة أو الجبة هي وحدها المقياس الحقيقي للتقوى والإيمان. لكن الحقيقة أن الدين أبعد وأعمق بكثير من مجرد ملابس .

للأسف، هناك من أساء لهذا الزي الإسلامي الشريف، فارتداه لا ابتغاء لمرضاة الله وإنما لأغراض أخرى؛ تارة للمنظرة والهيبة أمام الناس، وتارة لاستخدامه كستار يخفي وراءه أفعالًا لا تليق بمسلم يعلم أن الله يراه.

نرى من ترتدي النقاب محافظة عليه في ظاهرها، لكن داخلها لا يحمل صدق الالتزام ولا روح التسامح. وفي المقابل، نجد نساء ارتدين النقاب بحق، فتحلين بأخلاق النبي صل الله عليه وسلم، لا يحملن حقدًا ولا غلًا، بل ينشرن النصح بالحكمة، ويصلين ويعملن بأصول هذا الزي الطاهر.

وكذلك الحال في الرجال، فكم من شخص لبس الجبة والأفطان ليظهر نفسه بمظهر العالم أو المتدين، لكنه في جوف الليل يرتكب ما حرم الله، ثم يعود ليقول: قال الله وقال الرسول ، بينما هو لا يعمل بما يعلم ولا يطبق ما ينصح به.

المؤلم أن بعض الناس ينصحون باسم الدين وهم في الوقت نفسه قاطعون للأرحام، أو ظالمون للغير، أو غافلون عن أبسط مبادئ الرحمة والعدل. فهل هكذا يكون حال أمة محمد صل الله عليه وسلم؟ أليس الدين معاملة؟ أليس الدين صدقًا في القول وإخلاصًا في العمل؟

أيها الأحبة، الدين ليس في الثوب الذي نرتديه بل في القلب الذي يعمر بالتقوى، واللسان الذي يصدق القول، والجوارح التي تعمل بما يرضي الله. الزي الإسلامي شرف عظيم حين يقترن بالصدق والأمانة والالتزام، لكنه يصبح عارًا على صاحبه حين يستخدم للرياء أو يناقضه السلوك.

قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَنظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَلَكِن يَنظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ

وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ 

فالتقوى هي الميزان الحقيقي عند الله، وليست المظاهر.
فلنتذكر جميعًا أن الدين أخلاق قبل أن يكون مظهراً، وأن الإسلام جوهر قبل أن يكون شكلاً، وأن الاقتداء برسولنا الكريم صل الله عليه وسلم لا يكون بالملابس وحدها، بل بصدق القول، وصفاء القلب، ونقاء العمل.

إرسال تعليق

0 تعليقات

close
ضع اعلانك هنا